الرئيسية » مقالات » مقالاتي

أحلام فترة النقاهة
الكاتب المصرى نجيب محفوظ
هذه محكمة وهذه منضدة يجلس عليها قاض واحد وهذا موضع الاتهام يجلس فيه نفر من الزعماء وهذه قاعة الجلسة، حيث جلست أنا متشوقا لمعرفة المسئول عما حاق بنا، ولكنى أحبطت عندما دار الحديث بين القاضى والزعماء بلغة لم أسمعها من قبل حتى اعتدل القاضى فى جلسته استعدادا لإعلان الحكم باللغة العربية فاسترددت للأمام، ولكن القاضى أشار إلىّ أنا ونطق بحكم الإعدام فصرخت منبها إياه بأننى خارج القضية وإنى جئت بمحض اختيارى لأكون مجرد متفرج، ولكن لم يعبأ أحد بصراخى.

(2)

أخيرا حضر الوزير الجديد فقدمت له نفسى باعتبارى سكرتيره البرلمانى، ولكنه لم يفهم كلمة من كلامى فحاولت شرح عملى ولكنه نهرنى بحدة وأمر بنقلى من وظيفتى، وهكذا بدأت المعاناة فى حياتى، ثم شاء القدر أن يجمع بينى وبين الوزير فى مكان خير متوقع وهو السجن، وبعد أن أفقت من ذهولى أخذت أذكره بلقائنا الأول وما جرى فيه حتى تذكر وتأسف واعتذر، وانتهزت وجودنا فى مكان واحد كى أشرح له عمل السكرتير البرلمانى

(3)



رأيتنى فى حى العباسية أتجول فى رحاب الذكريات، وذكرت بصفة خاصة المرحومة عين فاتصلت بتليفونها ودعوتها إلى مقابلتى عند السبيل، وهناك رحبت بها بقلب مشوق واقترحت عليها أن نقضى سهرتنا فى الفيشاوى كالزمان الأول، وعندما بلغنا المقهى خف إلينا المرحوم المعلم القديم ورحب بنا غير أنه عتب على المرحومة طول غيابها، فقالت إن الذى منعها عن الحضور الموت فلم يقبل هذا الاعتذار، وقال إن الموت لا يستطيع أن يفرق بين الأحبة

(4)

جاءني شخص في المنام ومد لي يده بعلبة من العاج قائلاً:
- تقبل الهدية.
ولما صحوت وجدت العلبة على الوسادة.
فتحتها ذاهلاً، فوجدت لؤلؤة في حجم البندقة.
بين الحين والحين أعرضها على صديق أو خبير وأسأله:
- ما رأيك في هذه اللؤلؤة الفريدة؟
فيهز الرجل رأسه ويقول ضاحكًا:
- أي لؤلؤة... العلبة فارغة....
وأتعجب من إنكار الواقع الماثل لعيني.
ولم أجد حتى الساعة مَن يصدقني.
ولكن اليأس لم يعرف سبيله إلى قلبي

(5)



صادفتها تجلس تحت الشمسية، وتراقب حفيدها وهو يبني من الرمال قصورًا على شاطئ البحر الأبيض.
سلمنا بحرارة، جلست إلى جانبها، عجوزين هادئين تحت مظلة الشيب. وضحكت فجأة وقالت:
- لا معنى للحياء في مثل عمرنا، فدعني أقصّ عليك قصة قديمة.
وقصّت قصتها وأنا أتابعها بذهول حتى انتهت. وعند ذاك قلت:
- فرصة العمر أفلتت، يا للخسارة!



(6)

انتصر العدو واشترط لوقف القتال أن يتسلم تمثال النهضة الذهبي المحفوظ في الخزانة التاريخية، وذهبت مع فريق لنحضر مفتاح الخزانة المحفوظ بالصندوق الأمين، ولما كشفنا غطاء الصندوق تبدى لنا ثعبان مخيف ينذر بالموت كل من يدنو، فتفرقنا وأنا أداري فرحتي وأدعو للثعبان بالسلامة والتوفيق في حفظ المفتاح

المصدر: http://البديل
الفئة: مقالاتي | أضاف: aboatab712 (2012-12-11) | الكاتب: yaser E W
مشاهده: 249 | علامات: YA6 | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
الاسم *:
Email *:
كود *:
طريقة الدخول

فئة القسم
تصويتنا
قيم موقعي
مجموع الردود: 36
إحصائية

المتواجدون الآن: 1
زوار: 1
مستخدمين: 0